ألقاها سماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله في الرياض عام 1410 هـ
مسئولية طالب العلم في المجتمع، مسئولية كبيرة، وهي متفاوتة على حسب ما عنده من العلم، وعلى حسب حاجة الناس إليه، وعلى حسب قدرته وطاقته.
فهناك مسئولية من جهة نفسه:
■ من جهة إعداد هذه النفس للتعليم والدعوة، وأداء الواجب، ومن جهة العناية بالعلم والتفقه في الدين، ومراجعة الأدلة الشرعية، والعناية بها، فإن طالب العلم بحاجة شديدة إلى أن يكون لديه رصيد عظيم من الأدلة الشرعية، والمعرفة بكلام أهل العلم وخلافهم، ومعرفة بالراجح في مسائل الخلاف بالدليل من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بدون تقليد لزيد وعمرو، فالتقليد كل يستطيعه، وليس من العلم في شيء. قال الإمام أبو عمر بن عبد البر الإمام المشهور صاحب التمهيد وغيره: ( أجمع العلماء على أن المقلد لا يعد من العلماء ) .
■ وأن يكون وعلى صلة وثيقة بكلام العلماء، فإن معرفته بكلام أهل العلم تعينه على فهم الأدلة، وتعينه على استخراج الأحكام، وتعينه على التمييز بين الراجح والمرجوح.
ثم عليه مسئولية أخرى من جهة الإخلاص لله سبحانه؛
■ ومراقبته وأن يكون هدفه إرضاءه عز وجل، وأداء الواجب وبراءة الذمة، ونفع الناس، فلا يهدف إلى مال وعَرض عاجل، فذلك شأن المنافقين وأشباههم من أهل الدنيا، ولا يهدف للرياء والسمعة، ولكن هدفه أن ينفع عباد الله، وأن يرضي ربه قبل ذلك،
■ وأن يكون على بينة فيما يقول، وفيما يفتي به، وفيما يعمل به ولا يجوز له التساهل؛ لأن طالب العلم متبع متأسى بتصرفاته وأعماله. فإن كان مدرسا تأسى به الطلبة، وإن كان مفتيا أخذ الناس فتواه، وإن كان داعية كذلك خطره عظيم، وإن كان قاضيا فالأمر أعظم.
■ فالواجب على طالب العلم أن يكون له موقف مع ربه، موقف يرضاه مولاه، موقف يشتمل على الإخلاص لله، والصدق في طلب رضاه، والحرص الذي لا حدود له، في معرفة الأدلة الشرعية، والتفتيش عنها حتى يقف على الدليل، وبذلك تنفسح أمامه الدنيا، ويفتي على بصيرة، ويدعو إلى الله على بصيرة، ويعلم الناس على بصيرة، ويأمر بالمعروف على بصيرة، وينهى عن المنكر على بصيرة، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ﴾ وقد فسرت البصيرة بالعلم.
■ أما من ليس له بصيرة، فلا يعد من أهل العلم، ولا ينفع الناس، لا في دعوة ولا في غيرها من جهة أمور الدين، أعني النفع الحقيقي المثمر، وإن كان قد ينفع بعض الناس بنصيحة يعرفها، أو مسألة يحفظها، أو مساعدة مادية يقدمها. ولكن النفع الحقيقي من طالب العلم: يترتب على صدقه وإخلاصه، وعلى كثرة علمه، وتمكن فقهه، وعلى صبره ومصابرته.
وهناك مسألة مهمة: وهي المسئولية الملقاة على طالب العلم من جهة البلاغ والتعليم للناس،
■ فإن العلماء هم خلفاء الرسل، وهم ورثتهم، ولا يخفى مرتبة الرسل، وأنهم هم القادة. وهم الهداة للأمة، وهم أسباب سعادتها ونجاتها، فالعلماء حلَّوا محلهم، ونزلوا منزلتهم في البلاغ والتعليم؛ لأنهم خُتموا بمحمد عليه الصلاة والسلام، فلم يبق إلا البيان والتبليغ لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، والدعوة إليها وبيانها ونشرها بين الناس، وليس لذلك أهل إلا أهل العلم، هم الذين أهلهم الله لهذا الأمر دعاة وقادة بأقوالهم وأفعالهم وسيرتهم الظاهرة والباطنة .
فواجبهم عظيم، والخطر عليهم عظيم، والأمة في ذمتهم؛ لأنها بأشد الحاجة إلى البلاغ والبيان بالطرق الممكنة .
■ والطرق اليوم كثيرة: منها وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية . . فلها آثارها العظيمة في إضلال الناس، وفي هدايتهم . . وهكذا الخطب في الجمع والأعياد والمناسبات والندوات، والاحتفالات لأي سبب، لها أثرها أيضا. والنشرات المستقلة والمؤلفات والرسائل لها أثرها العظيم .
فالطرق بحمد الله اليوم ميسرة وكثيرة، وإنما المصيبة ضعف الطالب، وقلة نشاطه، وإعراضه وغفلته . . هذه هي المصيبة العظمى . . فالله يقول عز وجل: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ فليس في الوجود من هو أحسن قولا من هؤلاء، وعلى رأسهم الرسل الكرام والأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، ثم يليهم أهل العلم .
■ فكلما كثر العلم، وكملت التقوى والخوف من الله عز وجل، والإخلاص له سبحانه صار النفع أكثر، وصار التبليغ عن الله وعن رسوله أكمل. وكلما ضعفت التقوى، أو قل العلم، أو قل الخوف من الله، أو بلي العبد بمشاغل الدنيا والشهوات العاجلة - قلَّ هذا العلم وقلَّ هذا الخير.
■ يقول سبحانه : ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾ بيّن سبحانه أن مهمة النبي الدعوة إلى الله على بصيرة، وأمره أن يبلغ الناس ذلك، قل أي: قل يا أيها الرسول للناس ﴿ هَذِهِ سَبِيلِي ﴾ أي: هذه التي أنا عليها، هذه الشريعة وهذه الطريقة التي أنا عليها من القول والعمل هي سبيلي، وهي منهجي وطريقي إلى الله.
■ فوجب على أهل العلم أن يسيروا على الطريق الذي سلكه المصطفى عليه الصلاة والسلام، وهو الدعوة إلى الله على بصيرة. فذلك سبيله وسبيل أتباعه أيضا. فلا يكون العبد من أتباعه على الحقيقة وعلى الكمال إلا إذا سلك ذلك المسلك، فمن دعا إلى الله على بصيرة، وتبرأ من الشرك، واستقام على الحق، فهو من أتباعه عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال بعدها : ﴿ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ .
ثم طالب العلم بعد ذلك حريص جدا أن لا يكتم شيئا مما علم، حريص على بيان الحق والرد على الخصوم لدين الإسلام، لا يتساهل ولا ينزوي، فهو بارز في الميدان دائما حسب طاقته، فإن ظهر خصوم للإسلام يشبهون ويطعنون - برز للرد عليهم كتابة ومشافهة وغير ذلك لا يتساهل ولا يقول هذه لها غيري، بل يقول : أنا لها . . أنا لها . . ولو كان هناك أئمة آخرون يخشى أن تفوت المسألة، فهو بارز دائما لا ينزوي، بل يبرز في الوقت المناسب لنصر الحق، والرد على خصوم الإسلام بالكتابة وغيرها . . من طريق الإذاعة، أو من طريق الصحافة، أو من طريق التلفاز، أو من أي طريق يمكنه، وهو أيضا لا يكتم ما عنده من العلم، بل يكتب ويخطب، ويتكلم ويرد على أهل البدع، وعلى غيرهم من خصوم الإسلام بما أعطاه الله من قوة، حسب علمه وما يسر الله له من أنواع الاستطاعة . . قال تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ . إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾
■ فينبغي أن نقف عند هاتين الآيتين وقفة عظيمة: فربنا حذر من كتمان العلم وتوعد على ذلك، ولعن من فعل ذلك، ثم بين الله أن لا سلامة من هذا الوعيد، وهذا اللعن إلا بالتوبة والإصلاح والبيان. التوبة مما مضى من التقصير والذنوب. وإصلاح للأوضاع التي يستطيع إصلاحها من نفسه وبنفسه، وبيان لما لديه من العلم الذي قد يقال إنه كتمه، أو فعلا قد كتمه لحظ عاجل، أو تأويل باطل، ثم منّ الله عليه بالهدى فلا توبة إلا بهذا البيان، ولا نجاة إلا بهذه التوبة وهي تشتمل على:
1- الندم على ما مضى من التقصير واقتراف الذنب
2- وإقلاع وترك لهذا الذنب خائفا من ربه عز وجل ، حذرا من عقابه.
3- وشرط ثالث وهو العزم الصادق بأن لا يعود فيه ثانية ،
4- ثم بيان مع ذلك وإصلاح ؛ لأنه قد يتوب ولا يعلم الناس توبته، فإذا أظهر ذلك وبينه للناس برئت ذمته وصحت توبته.
وهنا أمر آخر يتعلق بطالب العلم أمام الله سبحانه أولا، ثم بعد هذا أمام إخوانه وزملائه ومجتمعه، وهو أن يتقي الله في نفسه . . فكلما علم شيئا بادر بالعمل لا يتساهل : يعلم ويعمل. لا بد من العلم، ولا بد من العمل، فهو يحاسب نفسه أبدا، ويجتهد في تطبيق أحكام الله على نفسه، الواجب واجب، والمستحب مستحب، حتى يمثل العلم في أخلاقه وأعماله وسيرته، وحلقات علمه وخطبه وأسفاره وإقامته في البر والبحر والجو، بل في كل مكان؛ لأن هذا الأمر يهمه ويحرص على أن يأخذ عنه إخوانه وزملاؤه وطلبته، ليعطيهم مما لديه من العلم: من قول وعمل . .
وهكذا كان نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام، كانت دعوته كاملة في القول والعمل، فسيرته أحسن السير، وكلامه أطيب الكلام بعد كلام الله عز وجل، وأخلاقه أحسن الأخلاق، كما قال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ وكان خلقه القرآن كما قالت عائشة رضي الله عنها . . يأتمر بأوامره، وينتهي عن نواهيه، ويتأدب بآدابه، ويعتبر بما فيه من الأمثال والقصص العظيمة، ويدعو الناس إلى ذلك.
■ وأهل العلم عليهم أن يتأسوا به عليه الصلاة والسلام في هذا الخلق العظيم، وأن يصدقوا الله في أقوالهم وأعمالهم، وأن يبلغوا عن الله أمره ونهيه، وأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، حسب الطاقة وأن يبذلوا المستطاع والنصائح لولاة الأمور بالتوجيه والإرشاد والتنبيه . . ولأهليهم ولجيرانهم ولسائر مجتمعهم، وللناس جميعا بكل وسيلة حسب الطاقة. لا يجوز التساهل في هذه الأمور ولا سيّما في عصرنا هذا لقلة العلماء وانتشار الشرور وكثرة الرذائل والمنكرات في أرجاء الدنيا في الدول الإسلامية وغيرها.
وكل ذي بصيرة يعلم ما ينشر في هذا العصر من الشرور العظيمة، في الإذاعات والصحافة، والتلفاز وفي النشرات الأخرى. وفي المؤلفات الداعية إلى النار.
وهذا الجيش المتنوع الذي يدعو إلى طرق النار، يحتاج إلى جيش مثله، وقوة مثله. بل وأكثر منه. هذه الجيوش التي يسوقها أعداء الإسلام إلى المسلمين، وهذه الوسائل الخطيرة المتنوعة الكثيرة، كلها يسوقها وينشرها أعداء الإسلام إلى المسلمين، وإلى غير المسلمين، لإهلاكهم وقيادتهم إلى النار. وأن يكونوا معهم في أخلاقهم الخبيثة، وسيرتهم الذميمة، وأن يكونوا معهم في النار؛ لأن قائدهم يريد هذا كما قال الله سبحانه: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾
فلا يليق بطالب العلم أن ينزوي ويقول: حسبي نفسي، لا، فإن عليه واجبات . . حسبه نفسه من جهة عمله أن يعمل . . وعليه واجبات من جهة البلاغ والبيان والدعوة فربنا يقول سبحانه: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ ويقول سبحانه : ﴿ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ ﴾ فالله سبحانه يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة، وأمره له أمر لنا جميعا، ليس المقصود له وحده عليه الصلاة والسلام . . فإذا وجه له الأمر فليس له وحده بل هو له ولنا ولأهل العلم جميعا إلا ما خصه الدليل به .
فعليك يا عبد الله أن تبتعد عن الخمول والانزواء وأن تبلغ أمر الله إلى عباد الله،
وعليك أيضا أن تنصح من استطعت نصيحته في كل مكان: أمير القرية، وعالم القرية، وقاضي القرية، وعريف القرية، ومن له شأن في القرية، وفي المدينة وفي القبيلة وفي كل مكان تتصل به اتصالاً حسناً، وتناصحه وتوجهه إلى الخير، وتتعاون معه على البر والتقوى بالأساليب الحسنة، بالعظة والتذكير بالكلام الطيب، بالرفق لا بالعنف .
وهكذا مع الإمام الأعظم في الدولة، ومع الوزراء في مسئولياتهم، ومع القضاة ومع الدعاة ومع إخوانك في الله جميعا تتعاون معهم.
هكذا يكون طالب العلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الدين النصيحة قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم » أخرجه مسلم في صحيحه . وفي الصحيحين عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : « بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم » .
وقال عليه الصلاة والسلام : « نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع » ، وفي لفظ : « رب حامل فقه ليس بفقيه » ، وفي لفظ : « ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه » . وقال في إحدى خطبه عليه الصلاة والسلام : « فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع » ، والناس بخير ما تعاونوا على البر والتقوى، مع ملوكهم وأمرائهم، ومع قضاتهم ومع الدعاة إلى الله، وجميع المسلمين، لكن مع مراعاة الأساليب الحسنة، والرفق والحكمة، وقد جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « من يحرم الرفق يحرم الخير كله »، رواه في الصحيح عن جرير بن عبد الله، وعن عائشة رضي الله عنهما .
وفي رواية له عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: « إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه ». ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح : « إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه » .
ويكفي في هذا قول الله سبحانه: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ وقول الله تبارك وتعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ وفي قصة موسى وهارون عندما بعثهما الله إلى فرعون يقول الله سبحانه لهما : ﴿ فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾
■ وأسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أن يوفقنا وإياكم وجميع المسلمين إلى ما يرضيه، وأن يسلك بنا جميعا صراطه المستقيم، وأن يرزقنا جميعا العلم النافع، والعمل به، والتأدب بالآداب الشرعية، والخلق العظيم، الذي أثنى الله به على نبيه عليه الصلاة والسلام، ولنذكر قوله عليه الصلاة والسلام: « من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة » . . فالأمر في طلب العلم عظيم ، والخطب في التفقه في الدين كبير . . ولنذكر أيضا قول الرسول صلى الله عليه وسلم : « من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين » ، رواه الشيخان من حديث معاوية رضي الله عنه ، وهذا الحديث العظيم يدلنا على أن التفقه في الدين من الدلائل على أن الله أراد بالعبد خيرا، ومفهومه أن من لم يتفقه في الدين فذلك مخذول لم يرد الله به خيرا . ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ونسأله سبحانه أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يتوفانا مسلمين، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يولي عليهم خيارهم، ويصلح قادتهم، وأن يكثر بينهم دعاة الهدى، وأن يرزقهم جميعا وفي كل مكان الفقه في دينه، والعمل بسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .. والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد .